الأربعاء، 4 مايو 2011

السنة سبعة آلاف

كتبت منذ أيام قصة قصيرة ولكنى لم أتمكن من نشرها ...لأسباب كثيرة منها قلة المال وانشغال الوقت وكثرت العيال وغلاء العيش ؛ وسبحان مدبر الأرزاق ... دائما وابدأ تجد من يملك مالا أكثر لديه وقت اكبر وهموم اقل كأنما المال يشتري كل شئ حتى لو كان الوقت ....و أما الفقراء من امثالى فليس لديهم ما يشترون به الوقت إلا بعض أشياء لا تفيد كثيرا منها العرق والكد والعمل ليل نهار ....أما ابخس أثمان الوقت فهو الفن ... بكل ألوانه من فنون الصورة الى فنون الصوت ... حتى فنون القلم ؛والفن ابخس أثمان الوقت لان صاحبه يدفع معه من دمه ومن أعصابه ومن فكره ..... وتلك أشياء اعتاد الناس على اعتبارها قليلة القيمة لان قيمة الإنسان أيضا قد قلت مقارنة بقيمة الوقت الذي يشتري بالمال .
من اجل ذلك كله ولأني لا أجد ما ادفعه ثمنا للوقت والناشر الا شئ من الفن اكسب منه بضع قروش اطعم بها أولادي وأمهم قررت ان اكتب اليوم قصة طويله عسها تشفع لى يوما عند الوقت وعند المال وعند الفن وهؤلاء الثلاثة قل الشفعاء عندهم .... وسأحكي فى قصتى سبعة الاف عام ساحكي فيها الشقاء والفرح ولسوف نلمس برد الشتاء وحر الصيف وندرك كيف يكون ميلاد الأمم حين يود العظماء من فكر التاريخ ونري كيف اندثرت دعوات وقام على أطلالها دعوات أعظم ولسوف ندرك سر الخلود وعظمت الموت.
على مدي سبعة ألاف عام سنحكي الحكاية إنها قصة شعب عاش على ضفاف نهر او قصة نهر عاش على ضفتة شعب فامتزجت أفكارهما حتى بات الشعب يجري مع ماء النهر يرتفع مع تياره ويجف مع جفافه..... واصبح النهر من الشعب بمثابة الفكر العظيم الذي يجمع الاساطير لينسج منها عظمت الواقع وقصة الماضي وحلم المستقبل انهما شعب ونهر بطالنا لقصة واحدة تصور معني واحد هو معنى الكفاح لا من اجل البقاء بل من اجل التقدم والبناء وعمارت الارض.
عاش على ضفة هذا النهر قوم تحت اقدام الطاغوت الظالم يقتل أبنائهم ويستحي نسائهم ويعد عليهم الأنفاس..كأنه كاتب الأقدار لا يكتب على القوم الا الشقاء والفقر والعجز ...والغريب فى القصة ان أيام الطاغوت قد طالت حتى ظنه الشعب حقا على رقابهم ان تخضع له وعلى عقولاهم ان ترضي به فمات فى القوم صوت الثورة واندثر فيهم معني النخوة .! .. فاصبحوا امسوا وباتوا لا يرون فى الدنيا الا حق الطاغوت وامر الطاغوت ونهجه .
وفجئه وفى اكثر لحظات المسرح ظلمه ..جف النهر ؛ومات الزرع ؛وأصبحت المروج صحاري ؛والبيوت قفار ...والطاغوت بعد ان كان حقا أضحي هما وحملا ثقيلا.ولان اشد ساعات الليل ظلاما هي التى تسبق ضوء الفجر فقد تحرك فى الشعب ضميره وعاد الى النهر يشكو له مر العيش وظلم الطواغيت فأشاح النهر بوجهه فى حزن وتحدث الى الشعب لأول مرة منذ الف عام وقال له الآن تذكرني ...؟وقد تبدل الحال وأصبح النور ظلام وأصبح للهم عيال منها ما يكتم الأنفاس ومنها ما يجسم على الصدور . الان تذكر صديقك وقد أعياك الدهر وأدماك الحمل ألان تذكر أبوك الأول وقلد ظننت ان رحم الارض لم يسقي بمائي العذب لينجنك ... ولد عاق ؛ ألان يا بنى اقولك اذهب عنى فلست لك بالاب المدافع غير انى لا أحرمك نصحي فاسمع منى يا بني .
ان الحياة لا تحلو ابدا وليس طعمها بالمر بل أنت يا بني من يصنع الحلو والمر منها بيديك ولقد رضيت بان تذوق الحياة من صنع غيرك ورأيت المر حلوا والباطل حقا والليل نور .... واليوم وقد جاء دورك فلتثور على نفسك اولا حتى تفيق الى اصل طبعك ويشرق النور فى قلبك والحكمة فى عقلك فتعرف الحلو من المر وبعدها عليك بالطاغوت لا يغرنك تقلبه فى البلاد فهو يحي على ما يشربه من دمك وما يكله من لحمك فان تمنعه من ذلك مات جوعا وعطشا.
ولان الظلام لا يدوم فلقد هبت خيل القوم تحارب دولة الظلم بعد ان استيقظ فى الشعب صوت الثورة وصرخ فيهم داعي العزة وتحركت الجموع وتحت سنابك خيل الشعب و فقد الطاغوت وزنه وبعد ان كانت الانفاس تحتبس لرؤيته أصبح تحت أقدام القوم يدوسون وجهه فى التراب ... وزال الظلم وانقضي الطاغوت الأول ومرت من بعده ألف عام وألف عام وألف عام وجاء طاغوت غيره وتحرر الشعب منه وجاء من بعدهما طاغوت أخر ولازالت الطواغيت تترادف على رؤوس القوم وفى كل مرة يفنى الطاغوت والظلم ويبقي الشعب وأبوه النهر يرددان معا .
لتحيا الحرية ..... ليحيا الشعب ..... وليبقي النهار
وليس فوق رؤوسنا إلا الله .